الثلاثاء، ربيع الآخر ٠٧، ١٤٢٨

نهاية عصابة "الضامنضرا" التي روعت تطوان بأكملها

اعتقلت المصالح الأمنية بولاية تطوان صباح يوم الجمعة المنصرم و في وقت باكر( حولي السادسة) بالمنطقة المعروفة ب" البينيا " بجانب غابة جبل درسة و في خرابة(منزل مهجور) الملقب "بالضامنضرا" بعد أن دوخ رجال الأمن لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر ؛ و بعد أن أغرق منطقة جبل درسة و الباربوري و الإشارة.. في بحر الخوف من أخطر عصابة سطو في المنطقة ككل؛ لدرجة أصبح معها هذا المجرم المغوار أهم رأس مطلوب لدى السلطة الأمنية، التي فعلت كل شيئ من أجل الانتهاء من كابوس العصابة التي أقامت الدنيا في تطوان و أصبحت مثار النقاش و الجدال في المقاهي و المنازل بل مجال نشاط لمجموعة من الجمعيات التي اهتمت بالموضوع ووجهت فيه رسائل موقعة إلى ولاية أمن تطوان تطالبهم بالتدخل لوضع حد لهذا المجرم الذي صنع لنفسه هالة من العظمة الكذابة و سدا منيعا من البطش ضد كل من سولت له نفسه مد العون لرجال الأمن للتمكن من القبض عليه غير أن كل هذا الفيلم الهندي الذي أراده صاحبنا عرف نهايته بالخطة المحكمة التي نفذها رجال الأمن بتطوان بعد أن ملوا من الأسلوب الكلاسيكي .

أول سرقة في مسار مجرم محترف.

اسمه أكبر من سنه بكثير حيث لم يتجاوز البطل الفاشل الثماني عشر ربيعا غير أن أول سرقة سيقدم عليها تعود إلى سنتين خلت حينما سطا على "تيليبوتيك" بتاريخ شهر دجنبر من سنة 2005 و لم يكن حينها يتجاوز سنه السادسة عشر ؛ أي أن الإجرام سرى في جسده مبكرا ؛ إلا أننا إذا عرفنا الوسط الذي نشأ فيه هذا الشاب الذي رسم لنفسه طريقا مظلما نعرف السبب الحقيقي و راء نشأته السلبية باعتبار أن اللقب الحقيقي الذي ألصق به لا يمتلك حقوق ملكيته نظرا إلى أنه يعود في الأصل إلى أخيه"جمال" ذي السوابق العدلية في نفس التخصص المتعلق بالسرقة الموصوفة مع البطش بالضحايا باستعمال الأسلحة البيضاء و الذي يوجد حاليا في السجن بعد أن انتقل إلى جانب أحد أهم العناصر المتخصصة في هذا النوع من الجريمة و الذي تم القبض عليه السنة الفارطة و الملقب ب " بالبلدية". حيث شكل اعتقال أخيه جمال في هذه القضية فرصة له للخروج إلى الميدان مع استكمال نفس مشوار شقيقه بعد أن خلا له الجو إثر اعتقال عصابتي " أولاد القصرية" وعصابة " البلدية" لتكون أول عملية له في السطو باستعمال أسلحة بيضاء مع الضرب و الجرح في شهر دجنبر من سنة 2006 أي بعد سنة كاملة عن أول عملية له تتعلق بالسطو إلا أنه هذه المرة عوض أن يكون ضحيته أحد المحلات أو المنازل أصبح ضحاياه عابرو السبيل؛ الذين يمرون بأحياء و دروب المناطق التي يسيطر عليها هو و عصابته.

مجرم" هندي" بجبل درسة.

المتهم باقتراف العشرات من جرائم السرقة و الضرب و الجرح و الاعتداء على المواطنين باستخدام الأسلحة البيضاء ذات الحجم الكبير من قبيل " السيوف"..ليس إلا شاب حاول التشبه بأبطال الأفلام في القوة و البطش لكن بعيدا عن الكنه الحقيقي للبطل الهندي المعروف ب" الضامينضرا" لأن صاحبنا لا يعترف بالمروءة و الشهامة و النبل بل سارق و قاطع طريق و سالب للأمتعة.. و بالتالي لا علاقة له باسم الممثل الهندي الذي هو بريء من مثل هذا النوع من المجرمين. لأن المتهم في هذه القضية جعل جميع أهالي مناطق جبل درسة و الإشارة و الباربوري. ..يعيشون كابوسا يوميا اسمه عصابة "الضامينضرا" التي تفتك بالجميع صغيرا كان أو كهلا طفلة أو مسنة؛ عصابة لا تميز و لا ترحم بل تريد أن تصبح أهم عصابة و جدت في تطوان إلى حدود هذا الزمان ، هدفها هو إشاعة الرعب في المنطقة لدرجة منعت الكثيرين من التوجه إلى المراكز الأمنية لتسجيل شكايات في حق هذا المارق عن القانون و الخارج عن الأعراف و التقاليد الخاصة بمحترفي السرقة ؛ و إن كان يقوم بدور الزعيم لعصابته التي يختار أفرادها بعناية و يتصيد في الغالب الأعم ذوي السوابق، و إن كان هو في الأصل يمتلك سجلا أمنيا نظيفا إذ لم يسبق له أن توبع في قضية ما، وهو الأمر الذي صعب من مأمورية رجال الأمن .
لعبة القط و الفأر أو " توم و جيري".

بعد توالي الشكايات من طرف المواطنين بهذا الشاب الأخرق الذي حول حياة ساكنة بعض المناطق في تطوان إلى جحيم؛ قام رجال الأمن بأكثر من تدخل في عين المكان للقبض عليه إلا أن جميع المحاولات باءت بالفشل الذريع لعدة أسباب؛ أولاها تمثلت في سرعة تنقل هذا المجرم و عصابته في أزقة و دروب المنطقة بكل سهولة بل أن المطاردة كانت تسفر دائما عن تبخر هذا العنصر الخطير من أمام أعين رجال الأمن إلا أن إحدى هذه التدخلات أسفرت عن اعتقال ثلاثة عناصر من نفس الشبكة نهاية شهر فبراير المنصرم حيث تم تقديمهم للمحاكمة بمجموعة من التهم أولاها تكوين عصابة إجرامية .. لتكشف التحقيقات مع المعتقلين في هذا الملف عن مجموعة من المعطيات من بينها أن الزعيم هو " الضامينضرا" الذي يتولى العمليات ككل بما في ذلك توزيع الأسلحة المختلفة على جميع الأفراد و تحديد مجال و كيفية تدخل كل فرد على حدة ، كما كشفت التحقيقات الأولية عن الكيفية التي يتم بها عمل هذه العصابة التي تغير أماكنها بسهولة و تتسرب للأحياء المعنية بعمليات السرقة مباشرة بعد حلول الظلام( الشوارع الأكثر عرضة للعمليات النهب و البطش شارع عثمان بن عفان أي المنطقة المعروفة بالباربوري و شارع الحزام الأخضر قرب رشاشة الرحالي ..) و تستمر عمليات السرقة و الاعتداء على المواطنين المارين من هذه الشوارع إلى أوقات مبكرة من الصباح حيث تتوقف حركة المجرمين حوالي الساعة الخامسة صباحا وهو الوقت الذي يهجع فيه هؤلاء المنحرفون إلى مخادعهم بعد أن يأخذوا جرعات متفاوتة من المخدرات القوية.

المجرم يحوم دائما حول مكان الجريمة.

إثر سقوط العناصر الثلاث في يد العدالة و بعد أن أفلت "الضامينضرا" من ثلاث محاولات للقبض عليه لم يجد هذا المجرم من حل إلا أن يهجر المنطقة بكاملها للاختباء في إحدى القرى المجاورة للمدينة خاصة و أن الأمن قام بتفتيش لمنزل أخته أكثر من مرة حيث يقطن في محاولة لمباغتته الشيئ الذي دفع عائلته للضغط عليه لأجل الاختباء لمدة تنسى فيها قضيته و بالفعل نفذ المتهم الاقتراح و رحل إلى قرية قرب مدينة واد لاو حيث احتمى هناك لمدة تقارب الشهر، لكنه لم يعلم أن عيون رجال الأمن لم تنم طيلة مدة غيابه بل لم تصدق حتى خبر فراره إلى هذه القرية بل ظلت مرابطة بالمنطقة ترصد كل شيئ و تعد العدة للإطاحة به في الشرك وهو ما حدث بالفعل ، إذ بعد أن اطمأن الهارب "ياسين" إلى هدوء الحركة و فتور الإلحاح السابق لرجال الأمن في ملاحقة عصابته و ظن أنه في مأمن عادإلى المنطقة و إلى نفس الأحياء لاقتراف جرائمه بعد أن استعان بفريق جديد بديل عن الذي اعتقل .. ونفذ أكثر من عملية في الشهر الماضي و بداية أبريل الجاري و بالتالي عاد من جديد كابوس هذا المجرم ليخيم على عمل إدارة الأمن بتطوان التي فكرت في تغيير الخطة بتاتا؛ حيث تركت المجرم يرتكب جرائمه ولم تحاصر المنطقة و لا عرجت على منزل عائلته و هو ما شجع المجرم في المضي قدما في عمله دون أن يتصور بأن الخطة تقوم أساسا على أن يظهر " الضامنضرا" في أحياء تطوان ليسهل تعقبه وهو ما حدث بالفعل حيث توصل رجال الأمن و بعد مشقة الأنفس إلى وكر مبيت هؤلاء المجرمين و لم يبقى أمام فرقة الأبحاث و عناصر المجموعة الرابعة للشرطة القضائية بإشراف مهم لإدارة الأمن الإقليمي بتطوان إلا أن تتفقد ثمار المصيدة التي زينت بالطمأنينة و الإستكانة لتلقي القبض على البطل الهندي " ياسين" و اثنين من أفراد شبكته"مصطفى؛ ز" الملقب ب " الدغاغي" و يونس؛ ع" الملقب ب"السعيدي" ، إثر عودتهم سالمين غانمين إلى وكرهم لكي يهجعوا للنوم بعد ليلة من الإجرام، و لم تكن مفاجأة تلك التي فتحها عليهم رجال الأمن الإحدى عشر الذين طوقوا المكان بل كانت صاعقة على هذه الشبكة وعلى زعيمها الذي ظن في يوم من الأيام أن العدالة ستنام عن إجرامه؛ مما ساهم في اعتقالهم دون مقاومة.

نهاية كابوس " الضامنضرا".
سقوط هذا المجرم الخطير الذي روع الجميع كان كالبلسم بالنسبة لجميع ساكنة جبل درسة على الخصوص ؛ هؤلاء الذين قدموا العديد من الشكايات الفردية و الجماعية للجهات الأمنية بتطوان؛ نظرا لجو الرعب الذي خلقته هذه العصابة في المنطقة ككل بحيث أن الكثيرين ربما تخلو عن عملهم بسبب اضطرارهم للخروج إلى عملهم في وقت باكر من الصباح أو العودة من العمل في وقت متأخر من الليل وهما الظرفين الذين تنشط فيهما شبكة السرقة بالمنطقة ككل كما أن توالي الأخبار عن الاعتداءات الدامية التي تقترفها هذه العصابة و انتقالها كالنار في الهشيم كان يزيد من تخوف العائلات على أبنائهم و فلذات أكبادهم. إضافة إلى أن القبض على عصابة " الضامنضرا " يجعل ولاية الأمن بتطوان وعناصرها تتنفس الصعداء بعد زوال هذا الكابوس الذي شكل أهم الملفات بهذه الولاية في الأشهر الأخيرة و نهايته تعني أن رجال الأمن عادوا إلى الواجهة بسيطرتهم على الموقف.

ليست هناك تعليقات: