الجمعة، ربيع الأول ٠٤، ١٤٢٨

مصطفى حمودان يروي تفاصيل اعتقاله "

هو أحد المعتقلين الستة اللذين ألقي القبض عليهم مباشرة بعد مجموع 26 و المعروفة ب "خلية تطوان" ( التي مازالت تحاكم) ؛ لم يكن له ناقة أو جمل في كل هذا السيناريو الذي أريد له أن يصبح عملا "إرهابيا" ؛ لذلك تم إطلاق بعد24 ساعة من اعتقاله إلا أنها كانت كافية ليخرج من هذه الجربة بمرارة تجسها في خطابه .
"الصباح" حاولت كثيرا أن تلتقي به مباشرة بعد إطلاق سراحه إلا أن ذلك لم يحدث إلا الآن لعدة أسباب ؛ وجدناه كالعادة في إحدى المقاهي المتناثرة بشارع محمد الخامس بتطوان و هي المقهى التي ألف الجلوس بها مع أصدقائه في أوقات فراغه ؛ بعض المرافين له و الذين كانوا يتحلقون حول طاولة سبق و أن التقينا بهم أشخاص عاديون يمارسون مهامهم بالإدارات المغربية ..تكلمنا مع هدفنا الذي هو مصطفى حمودان الذي رحب بلقائنا و جلسنا معه في طاولة أخرى بنفس المقهى لنجري معه هذه الدردشة حول تجربته و علاقته بما اتهم به و بعض الأشياء الأخرى.
*أولا كيف يمكنك أن تعرف بشخصك؟.
- مصطفى حمودان من مواليد 1972 بمدينة تطوان حالتي الأسرية متوسطة متزوج و أب لبنتين إحداهما في سن الثامنة في حين الأخرى لم تتجاوز شهرها السادس بعد؛ أشتغل كسائق لسيارة أجرة ؛ مستوى تعليمي ينحصر في الثانوي . تعلمت السياقة مع أصدقائي و لم أكن أفكر أبدا في يوم ما أن أعمل سائقا في سيارة للأجرة ؛ لكن تشجيعات أصدقائي كانت وراء إقدامي على اجتياز مباراة للحصول على رخصة الثقة لأصبح منذ سنة 1996 مزاولا رسميا لهذه المهنة .
* شكل اعتقالكم حدثا على و كان له و قع في المدينة و على الصعيد الوطني ؛ فماذا يمكنك أن تحكيه عن هذه الحادثة و كيف كانت ظروف الإعتقال؟.
- تم اعتقالي وأنا أمارس عملي اليومي بشكل عادي ليلا بساحة معركة بئر أنزران و بالضبط قرب محطة المسافرين بتطوان حيث كنت أهم التزود بالوقود للسيارة بعد يوم من العمل ..اقترب مني أشخاص كانوا بلباس مدني حوالي ثمانية أو تسعة أشخاص ( يرفع رأسه للسقف و يحاول افتكار اللحظة و يبدأ في العد ..أربعة في الخلف و إثنان كانا جالسين إلى جانبي و آخرين في الأمام ) سألوني في البداية إن كنت أدعى مصطفى حمودان أكدت لهم ذلك فطلبوا مني أن أرافقهم؛ بدوري سألتهم عن هويتهم فأجابوني أنهم أفراد من "الديستي" طلبت منهم أن يمهلوني وقتا حتى أفرغ من التزود بالوقود و تسليم السيارة لأنها ليست في ملكي و إنما أشتغل فيها فقط .
منحوه الفرصة، أكمل شغله و تقدم إليهم نحو سيارة ذات الدفع الرباعي حيث رافقه ثمانية عناصر؛ اتجهوا به نحو منزله حيث قاموا بتفتيشه جيدا لم يصب أهله بالذعر بل أن مصطفى وجه دعوة لمعتقليه بعد فراغهم من المهمة داخل المنزل كي يشربوا معه كأس شاي علامة على الضيافة بسبب تواجدهم بمنزله غير أنهم رفضوا و طلبوا منه التوجه معهم لاستكمال التحقيق . لم يعرف مصطفى أين أخذه مضيفوه أو معتقلوه لأن بعد هذه المرحلة لم تعد عيناه تريان شيئا غير الظلام الدامس حيث قاموا بعصب عينه مباشرة بعد مغادرتهم لمنزله (تصرف عادي كي لا يعرف المعتقل المكان الذي تم اقتياده إليه) لما وصل للمكان المهيأ للاعتقال و التحقيق كان مقتنعا أن الطريق إلى منزله أقرب من الطريق إلى أي مكان في العالم نظرا لأنه متأكد من أن هناك خطأ ما وقع أو أن المعلومات التي قدمت لهؤلاء الأشخاص عنه لم تكن حقيقية .
يسترسل مصطفى : وجهوا لي العديد من الأسئلة كلها تصب في محور واحد وهو هل هناك علاقة بيني و الجماعات المتطرفة و ما إذا كنت أنتمي لأي من هذه الخلايا أو أعتنق فكرا غريبا و ما إن كانت لي علاقة مع بعض الأسماء ...إلا أنني أجبت بالنفي على مجمل الأسئلة و أقنعت المحققين أن انتمائي عادي ككل المغاربة و أن عقيدتي تخالف نهائيا هذه المسائل التي يبحثون عنها.. و أن الأشخاص الذين أعاشرهم يمكن لأي أحد أن يعرفهم ..كما أن السلطة لا تخفى عليها مثل هذه الأمور و كما يقول المثل الشعبي " اللي فكرشو لعجينة كيبان".وهو مادفع جميع المحققين إلى اعتباري مواطنا صالحا و براءتي من أي انتماء فأطلقوا سراحي بعد 24 ساعة من الاعتقال.
غير أن ما أتفاجأ به هو أن السلطة التي أطلقت سراحي لم تتهمني بانتمائي لشبكة ما أو خلية أو.. في حين بعض الجرائد ربما يعلمون أشياء عني لا أعرفها و لا السلطة تمكنت من معرفتها؛ إذ طالعت في إحداها أني أنتمي لشبكة ما و أن شكلي غريب و ألبس لباسا أفغانيا في حين أن ثيابي كلها "ماد إن إسبانيا أو إيطاليا ..ألبس الجينز و الملابس العادية كباقي الناس " و لم يسبق لي أن لبست في حياتي لباسا أفغانيا. أما أنني أصلي فهذا ليس عيبا و أطلق لحيتي فهذه هوايتي و أنا حر في أن أفعل في جسمي ما يحلوا لي و من يمانع فليأتي بموس حلاقة و يحلقها لي . حسب حموادن دائما فإن المحققون لم يتصرفوا معه بخشونة و لم يعتدوا عليه أو شيئ من هذا القبيل بل عاملوه معاملة لبقة حسنة بما فيها الأكل و الشرب..مما يعني أنهم كانوا يقومون بمهامهم ليس إلا . غير أنهم بالمقابل حجزوا هاتفه النقال و كذا بعض الأقراص المدمجة للشيخ كشك. و لم يعيدوا له هاتفه لحد الآن رغم أنهم و عدوه بأن يرجعوه و لم يجد أمامه غير اقتناء هاتف آخر.

الساسي :"هناك هجرة للشباب من الأحزاب التقليدية إلى الحركات الإسلامية في المغرب"

حاول محمد الساسي( اليسار الإشتراكي الموحد) تفنيد مقولة عزوف الشباب المغربي عن السياسة حينما قدم مجموعة من التحليلات التي تصب في عكس هذا الطرح من خلال عرضه الذي ألقاه بدار الثقافة بمدينة المضيق يوم الجمعة المنصرم و المنظم من طرف جمعية فضاء المضيق للتنمية و الثقافة في موضوع "الشباب و سؤال السياسة" . حيث ارتكز على مجموعة من المعطيات و التمظهرات التي تثبت أن الشباب المغربي لم يعزف أبدا عن السياسة و إنما هناك انتقال من مجال إلى آخر كهجرة الشباب من الأحزاب التقليدية نحو الحركات الإسلامية. و أرجع هذا التغيير لدى الشباب لفقدانه الثقة في الأحزاب التقليدية بسبب اكتفاء هذه الأخيرة بأنصاف الحلول، و التي يراها الشباب تراجعا ضمنيا عن المنحى الأصلي لهذه الأحزاب التقدمية إلى حد ما ، في نفس السياق و دائما من أجل إثبات عدم عزوف الشباب عن السياسة استشهد الساسي بالأنسجة الجمعوية المتكاثرة التي اعتبرها في معظمها تمارس السياسة بشكل أو بآخر؛ بل أنه ذهب إلى اعتبار بعضها متقدم في الطروحات السياسية البديلة أكثر من الأحزاب الحالية نظرا لما يمنحه فضاء هذه الجمعيات من أفق شاسع خصب يتيح للأفكار أن تتبلور بشيئ من الحرية بعيدا عن القيود الحزبية معللا هذا التوجه الجديد بوصول الحزبية في المغرب إلى عنق الزجاجة؛ و هو ما يعني اختناقها كما أن البرغماتية افترستها حيث يبنى كل شيئ على العلاقات الجيدة مع الدولة بمعنى أن جل الأحزاب تخاطب ود و عطف الدولة وهو الشيئ الذي دفع بمجموعة من الملفات إلى المصير المجهول بعد أن أثيرت و تحركت ؛ إلا أن موقف الدولة تجاهها دفع بهذه الأحزاب النفعية إلى التخلي عن هذا الملف أو تجميد ذاك في مقابل علاقات متميزة مع المتحكمين في اللعبة السياسية .
محمد الساسي و خلال هذا اللقاء لم يفوت الفرصة دون أن يقوم بتوجيه نقد لاذع لإمام جماعة العدل و الإحسان و لمحدودية التفكير السياسي لدى جماعته؛ حيث استهتر بأحلام و رؤى عبد السلام ياسين مشيرا في ذات السياق إلى أن العمل الحزبي لا يتأسس أبدا على الأحلام و الرؤى؛ بل على برنامج مضبوط إلا أنه و مع ذلك اعتبر التطرف الديني و الحركة الأصولية مشروعة بالنظر إلى ما تعبر عنه من ظلم و قهر اجتماعي يعيشه حقيقة المغاربة . لذلك عبر هو شخصيا عن رفضه لأي قمع أو حظر لهذه الحركات بل انه ـ وحسب قوله ـ كان من بين المدافعين عن دخول هذه الأحزاب و الحركات للميدان السياسي . هاذا و كان الساسي قد قدم في جزء هام من مداخلته قراءة في كرونولوجية الحركات السياسية الشبابية منذ الإستقلال مرورا بكافة المراحل و التقلبات التي عرفها العمل السياسي الشبابي المغربي في أوقات الذروة إبان فترة السبعينات و بداية الثمانينات بما فيها أوج الحركة الطلابية بمنظمتها العتيدة آن ذاك الإتحاد الوطني لطلبة المغرب.